حياة الشيوخ
على الرغم من أن كل الشيوخ يقضون أكثر أوقاتهم في عمل الأشياء نفسها التي يعملها الشباب، إلا أن لهم حاجات خاصة، وبالتالي فإنهم عادةً يتبعون طرقًا مختلفة في حياتهم. ففي الدول النامية، يتقاضى معظم الناس دخلاً أقل عند تقاعدهم؛ ولهذا يجب عليهم التكّيف على طريقة مختلفة في الحياة. فقد يتعين عليهم الاستغناء عن بعض الرفاهيات مثل العطلات، وقد ينفقون قليلاً على الملابس والاستمتاع خارج المنزل.
وكثير من كبار السن يرحبون بالمساعدة والنصح لمجابهة المشكلات التي يمكن أن تنتج من التقاعد. فقد يرحبون بالنصح حول كيفية الاستفادة من أوقات الفراغ والهوايات الجديدة. وكثير من كبار السن يعتريهم القلق إزاء دخلهم المنخفض، وحول كيفية دفع مصاريف عائلاتهم مثل فواتير التدفئة والطعام.
إن الاعتماد المتزايد على الدولة سمة كبار السن في كثير من البلاد. ففي أستراليا، مثلاً، يعتمد أكثر من 75% من الشيوخ على معاشات من الحكومة لمصادر دخلهم الرئيسية.
إن العزل الاجتماعي لكبار السن يمكن أن يكون مشكلة، وخصوصًا في البلاد التي يعيش فيها الأطفال والأحفاد بعيدًا عن أقاربهم كبار السن. وبصفة خاصة فكثير من النساء المتزوجات يواجهن فترة العيش أرامل في الكِبَر. فالوحدة يمكن أن تكون مشكلة خطيرة لكبار السن.
وتسبب الإعاقة الجسدية والعقلية إزعاجًا لكبار السن أكثر من الصغار. فمثلاً، يعاني نصف الأستراليين تقريبًا ممن تجاوزت أعمارهم 75 عامًا، نوعًا من أنواع الإعاقة. ويحتاج الشيوخ فوق سن 75 عامًا إلى مساعدة أكثر من الخدمات الطبية والرفاهية. فالشيوخ يحتاجون إلى خدمات الطبيب أكثر عندما يكبرون، وقد يحتاجون أيضًا لخدمات أخرى مثل تناول الوجبات، وهم جالسون على مقاعد متحركة، أو خدمات التمريض المنزلي، أو الرعاية المستمرة الدائمة بالمنزل لكبار السن شديدي المرض والضعفاء والمختلين عقليًا ممن لا يقدرون على خدمة أنفسهم. بينما في الشرق ما زالت رعاية الكبار تُعد مسؤولية أسرية، في حين أنها في الغرب تُعد ـ جزئيًا على الأقل ـ مسؤولية الحكومة، وتتطلب أنواعًا من الخدمات الطبية والرعاية.
يستمر العديد من كبار السن في الاستمتاع بحياة حافلة في الثمانينيات من العمر وبعدها. وغالبًا ما يشاركون في النشاطات الاجتماعية والتعليمية والرياضية والثقافية مع أناس آخرين في الفئة العمرية نفسها. فكبار المواطنين في بعض البلاد قد يستفيدون من بعض المزايا المتمثلة في السفر المجاني بوسائل المواصلات العامة، وفي الأسعار المخفضة على تذاكر المسارح والحفلات الموسيقية، وغيرها من المناسبات المماثلة. وتحدث عملية الشيخوخة بنسب مختلفة. وهذا يفسر السبب في أن يظل بعض الناس نشطين جسمانيًا مبدعين ذهنيًا عندما يتقدمون في العمر، أما غيرهم من قليلي الحظ، فقد يعانون من مشكلات طبية ترتبط بشكل خاص بالشيخوخة، مثل التهاب المفاصل وأمراض القلب ومرض السكري وضغط الدم العالي. وربما يتأثر السمع والبصر أيضًا. كما يمكن أن تتأثر الذاكرة. وقد لا يستطيع كبير السن ممارسة واجباته المنزلية اليومية المعتادة.
ويبدو هذا الضعف في القدرة ملحوظًا في الأشخاص فوق سن 85 عامًا. بينما كان الأشخاص في هذا العمر نادرين في بلاد الغرب قبل عام 1900م، ومازالوا يكوِّنون فئة قليلة في الأقطار النامية؛ بينما أعدادهم في الغرب تتزايد بصورة مستمرة. ويقدر الخبراء أن في أستراليا، مثلاً، ستزيد نسبة من يزيد عمرهم عن 85 سنة بنسبة 90% عند نهاية القرن العشرين. وهذا الاتجاه يتكرر في البلاد الأخرى، التي تواجه تحدي إيجاد الموارد المالية والبشرية للعناية بالعدد المتنامي من السكان كبار السن والعجزة. وكلما تزايدت نسبة المتقاعدين وجب على المجتمع، أن يبحث عن الطرق الملائمة لاستخدام قدرة وطاقات الأشخاص الذين ـ رغم شيخوختهم ـ قد تكون أمامهم 25 سنة من الحياة النشيطة الفعَّالة